سبع يجري للعبد أجرهن وهو في قبره بعد موته
2 مشترك
صفحة 1 من اصل 1
سبع يجري للعبد أجرهن وهو في قبره بعد موته
سبع يجري للعبد أجرهن وهو في قبره بعد موته
عبدالرزاق بن عبدالمحسن البدر
الحمد لله المحمود على كل حال , الموصوف بصفات الكمال والجلال ,له الحمد في الأولى والآخرة , وإليه الرجعى والمآل .
أما بعد :
فإن من عظيم نعمة الله على عباده المؤمنين أن هيأ لهم أبواباً من
البر والخير والإحسان عديدة , يقوم بها العبد الموفق في هذه الحياة
, ويجري ثوابها عليه بعد الممات , فأهل القبور في قبورهم مرتهنون ,
وعن الأعمال منقطعون , وعلى ما قدموا في حياتهم محاسبون ومجزيون ,
وبينما هذا الموفق في قبره الحسنات عليه متوالية , والأجور
والأفضال عليه متتالية , ينتقل من دار العمل , ولا ينقطع عنه
الثواب , تزداد درجاته , وتتناما حسناته وتتضاعف أجوره وهو في قبره , فما
أكرمها من حال , وما أجمله وأطيبه من مآلٍ .
وقد ذكر الرسول صلى الله عليه وسلم أموراً سبعة ً يجري ثوابها على
الإنسان في قبره بعد ما يموت , وذلك فيما رواه البزار في مسنده من
حديث أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
(( سبع يجري
للعبد أجرهن وهو في قبره بعد موته :من عَلّم علماً, أو أجرى نهراً ,
أو حفر بئراً , أو غرس نخلاً , أو بنى مسجداً , أو ورّث مصحفاً ,
أو ترك ولداً يستغفر له بعد موته )) [ حسنه الألباني رحمه الله في صحيح الجامع برقم :3596].
وتأمل أخي المسلم – ملياً هذه الأعمال , واحرص على أن يكون لك منها
حظ ونصيب مادمت في دار الإمهال , وبادر إليها أشد المبادرة قبل أن
تنقضي الأعمار وتتصرم الآجال .
وإليك بعض البيان والإيضاح لهذه الأعمال :
أولاً :
تعليم العلم , والمراد بالعلم هنا العلم النافع الذي يبصر الناس
بدينهم , ويعرفهم بربهم ومعبودهم , ويهديه إلى صراطه المستقيم ,
العلم الذي به يعرف الهدى من الضلال , والحق من الباطل والحلال من
الحرام , وهنا يتبينُ عظمُ فضلِ العلماء الناصحين والدعاة المخلصين ,
الذين هم في الحقيقة سراج العباد , ومنار البلاد , وقوام الأمة ,
وينابيع الحكمة , حياتهم غنيمة , وموتهم مصيبة , فهم يعلمون الجاهل
, ويذكرون الغافل , ويرشدون الضال , لا يتوقع لهم بائقة , ولا
يخاف منهم غائلة , وعندما يموت الواحد منهم تبقى علومه بين الناس
موروثة , ومؤلفاته وأقواله بينهم متداولة , منها يفيدون , وعنها يأخذون ,
وهو في قبره تتوالى عليه الأجور , ويتتابع عليه الثواب , وقديماً
كانوا يقولون يموت العالم ويبقى كتابه , بينما الآن حتى صوت العالم
يبقى مسجلاً في الأشرطة المشتملة على دروسه العلمية , ومحاضراته
النافعة , وخطبه القيمة فينتفع به أجيال لم يعاصروه ولم يكتب لهم
لٌقِيُّه . ومن يساهم في طباعة الكتب النافعة , ونشر المؤلفات
المفيدة , وتوزيع الأشرطة العلمية والدعوية فله حظ وافر من ذلك
الأجر إن شاء الله .
ثانياً :
اجراءُ النهر , والمراد شق جداول الماء من العيون والأنهار لكي
تصل المياه إلى أماكن الناس ومزارعهم , فيرتوي الناس , وتسقى
الزروع , وتشرب الماشية , وكم في مثل هذا العمل الجليل والتصرف
النبيل من الإحسان إلى الناس , والتنفيس عنهم بتيسير حصول الماء
الذي به تكون الحياة , بل هو أهم مقوماتها , ويلتحق بهذا مد الماء
عبر الأنابيب إلى أماكن الناس , وكذلك وضع برادات الماء في طرقهم
ومواطن حاجاتهم .
ثالثاً :
حفر الآبار , وهو نظير ما سبق وقد جاء في السنة أن النبي صلى الله
عليه وسلم قال : " بينما رجل في طريق فاشتد عليه العطش , فوجد
بئراً فنزل فيها فشرب , ثم خرج , فإذا كلب يلهث يأكل الثرى من
العطش , فقال الرجل : لقد بلغ هذا الكلب من العطش مثل الذي كان بلغ
مني , فنزل البئر فملأ خفه ماء فسقى الكلب , فشكر الله له فغفر له
, قالوا يا رسول الله وإن لنا في البهائم أجراً ؟ فقال : في كل
ذات كبدٍ رطبة ٍ أجرٌ " متفق عليه . فكيف إذاً بمن حفر البئر وتسبب
في وجودها حتى ارتوا منها خلقٌ , وانتفع بها كثيرون .
رابعاً :
غرس النخل , ومن المعلوم أن النخل سيد الأشجار وأفضلها وأنفعها
وأكثرها عائدة على الناس , فمن غرس نخلاً وسبل ثمره للمسلمين فإن
أجره يستمر كلما طعم من ثمره طاعم , وكلما انتفع بنخله منتفع من
إنسان ٍأو حيوان ٍ, وهكذا الشأن في غرس كلما ينفع الناس من الأشجار ,
وإنما خص النخل هنا بالذكر لفضله وتميزه .
خامساً :
بناء المساجد التي هي أحب البقاع إلى الله , والتي أذن الله جلا
وعلا أن ترفع ويذكر فيها اسمه , وإذا بُني المسجد أقيمت فيه الصلاة ,
وتُلي فيه القرآن , وذكر فيه الله , ونشر فيه العلم , واجتمع فيه
المسلمون , إلى غير ذلك من المصالح العظيمة , ولبانيه أجرٌ في ذلك
كلِّه , وقد ثبت في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : "
من بنى مسجداً يبتغي به وجه الله بنى الله له بيتاً في الجنة "
متفق عليه .
سادساً :
توريث المصحف , وذلك يكون بطباعة المصاحف أو شرائها ووقفها في
المساجد , ودور العلم حتى يستفيد منها المسلمون , ولواقفها أجرٌ
عظيم ٌ كلما تلا في ذلك المصحف تالٍ , وكلما تدبر فيه متدبر , وكلما
عمل بما فيه عامل .
سابعاً :
تربية الأبناء , وحسن تأديبهم , والحرص على تنشأتهم على التقوى
والصلاح , حتى يكونوا أبناء بررة ً وأولاد صالحين , فيدعون لأبويهم
بالخير , ويسألون الله لهما الرحمة والمغفرة , فإن هذا مما ينتفع
به الميت في قبره .
وقد ورد في الباب في معنى الحديث المتقدم مارواه ابن ماجه من حديث
أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
" إن مما يلحق
المؤمن من عمله وحسناته بعد موته علماً علمه ونشره , وولداً صالحاً
تركه , ومصحفاً ورثه أو مسجداً بناه , أو بيتاً لابن السبيل بناه ,
أو نهراً أجراه , أو صدقةً أخرجها من ماله في صحته وحياته تلحقه
من بعد موته " [ حسنه الألباني رحمه الله في صحيح ابن ماجه برقم 198 ]
وروى أحمد والطبراني عن أبي أمامة رضي الله عنه قال : قال رسول صلى الله عليه وسلم "
أربعة تجري عليهم أجورهم بعد الموت : من مات مرابطاً في سبيل الله
, ومن علّم علماً أجرى له عمله ما عمل به , ومن تصدق بصدقة فأجرها
يجري له ما وجدت , ورجل ترك ولداً صالحاً فهو يدعو له "[ وانظر صحيح الجامع حديث رقم 890 ] .
وفي صحيح مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث : صدقةٍ جاريةٍ , أو علم ينتفع به أو ولدٍ صالح يدعو له
" وقد فسر جماعةُ من أهل العلم الصدقة الجارية بأنها الأوقاف ,
وهي أن يحبس الأصل وتسبل منفعته , وجل الخصال المتقدمة داخلةً في
الصدقة الجارية .
وقوله :
" أو بيتاً لابن السبيل بناه " فيه فضل بناء الدور ووقفها لينتفع
بها المسلمون سواءً ابن السبيل أو طلاب العلم , أو الأيتام , أو
الأرامل , أو الفقراء والمساكين . وكم في هذا من الخير والإحسان .
وقد تحصل بما تقدم جملةً من الأعمال المباركة إذا قام بها العبد في
حياته جرى له ثوابها بعد الممات , وقد نظمها السيوطي في أبيات فقال :
إذا مات ابن آدم ليس يجري *** عليه من فعال غير عشرِ
علومٌ بثها , ودعاء نَجْلِ *** وغرس النخل , والصدقات تجري
وراثةٌ مصحفٍ , ورباط ثغر *** وحفر البئر , أو اجراءُ نهرِ
وبيتٌ للغريب بناه يأوي *** إليه , أو بناءُ محلِ ذكر ِ
وقوله :علومٌ بثها , ودعاء نَجْلِ *** وغرس النخل , والصدقات تجري
وراثةٌ مصحفٍ , ورباط ثغر *** وحفر البئر , أو اجراءُ نهرِ
وبيتٌ للغريب بناه يأوي *** إليه , أو بناءُ محلِ ذكر ِ
" ورباط ثغر " شاهده حديث أبي أمامة المتقدم , وما رواه مسلم في
صحيحه من حديث سلمان الفارسي رضي الله عنه : قال سمعت رسول الله صلى
الله عليه وسلم يقول " رباط يوم وليلة خير من صيام شهر وقيامه وإن مات جرى عليه عمله الذي كان يعمله وأجري عليه رزقه , وأمن الفّتَّان " أي ينمو له عمله إلى يوم القيامة , ويأمن من فتنة القبر .
ونسأل الله جل وعلا أن يوفقنا لكل خير , وأن يعيننا على القيام
بأبواب الإحسان , وأن يهدينا سواء السبيل , وصلى الله على نبينا
محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .
كاتب الموضوع :عبدالرزاق بن عبدالمحسن البدر
karimzal- الرتبة :
- مـُشاركاتي’ : 15
نـقاطي’ : 45
سجلت : 08/09/2012
مواضيع مماثلة
» لؤي البغدادي يجري على وني 2012
» تشابي ألونسو يجري جراحة ناجحة
» الـ"يويفا" يجري فحص منشطات مفاجئاً للاعبي برشلونة
» اتحاد الكرة يجري قرعة الادوار النهائية لدوري المظاليم بكرة القدم !!
» تشابي ألونسو يجري جراحة ناجحة
» الـ"يويفا" يجري فحص منشطات مفاجئاً للاعبي برشلونة
» اتحاد الكرة يجري قرعة الادوار النهائية لدوري المظاليم بكرة القدم !!
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى